الاستحقاق الذاتي وسقف التوقعات


الثلاثاء 2025-01-07

أخيرًا بعد كل هذا الجهد انتهى العام وحان موعد القطاف، سيتم اليوم تكريمي أنا وصديقاتي، سعادتي لا توصف خاصةً بعد العناء والجهد الذي قمنا به في العمل، هكذا كانت غادة تحدث نفسها وهي تشعر بالفرح والسرور نتيجة إنجاز الأعمال على أكمل وجه.

وبينما هي في غمرة الفرح والنشوة تأتي نحوها صديقاتها يشاركنها الفرحة ذاتها وماهي إلا دقائق معدودة ويتم التكريم المستحق... 1- الأستاذة/ مرام المتميزة فلتتفضل مشكورةً مأجورةً لاستلام الهدية والدرع وشهادة شكر مستحقة.

2- الأستاذة/ ندى التي أبدعت في مجال عملها طيلة العام فلتتفضل مشكورةً مأجورةً لاستلام الهدية والدرع وشهادة شكر مستحقة، إحم إحم جاء دوري الآن أنظر لنفسي أبدو جميلة ومرتبة جدًا، توالت الأسماء وأنا أنتظر اسمي يذاع كبقية زميلاتي، لكن مع الأسف تم الإعلان عن انتهاء الحفل والكل يقبل الآخر ويهنئه ويبارك!! ماذا عني أنا؟ اسمي لم يذاع، لقد قمت بالعمل بمجهود أكبر ولا يقارن بمرام وندى، يبدو أن هناك لبس، ذهبت مسرعةً لرئيستي في العمل وأنا أخفي حنقي وغضبي وأبتسم ابتسامة صفراء: أستاذة/ جواهر لم يتم تكريمي اليوم كبقية زميلاتي!! والصدمة التي كانت قاتلة لي ردها اللامبالي: أنت مع المجموعة التي يتم تكريمها العام القادم (بس شدي حيلك) وهنا أقسم بالله أنه (أنهد حيلي وانقطع)!! قمة الظلم.. قمة التحيز.. قمة التعدي على ذاتي التي تستحق أكثر من هذا التكريم!!

وعلى الجانب الآخر من الحياة نجد أن هناك زوجًا: لا يعطي زوجته ما تستحقه من التقدير والحب والاهتمام والاحترام، فهو يتعامل معها بفوقية وعنجهية واضحة وحتى كلمة شكرًا تبدو ثقيلة على لسانه ولا يعرف قيمتها فعلًا إلا إذا فقدها!!

وعلى الصعيد ذاته من باب العدل والإنصاف هناك زوجات لا تعرف قدر الزوج ولا تعطيه حقه من الرعاية والاهتمام وتعتقد أنها بذلك انتصرت لأنوثتها عندما ترفض له طلبًا أو تتجاهله ولا تلقي له بالًا...

كذلك الأبناء والبنات الذين لا يقدرون أمهاتهم وآباؤهم حق التقدير الذي يستحقونه، بل وصل الحد إلى رفع الصوت والايذاء اللفظي وربما يصل إلى الايذاء الجسدي، والتجاوز وصل إلى القطيعة وترك الأم في أحزانها تبكي على تربيتها التي ضاعت سدى والأب كذلك.

ثم على نظيره تمامًا الأخوة والأخوات والصديقات والأصدقاء قد يكون بينهم من يستحق الأفضل والتقدير والاحترام، لكنه لا يجده من أقرب الناس له، ولو بحثنا في الأسباب لعلمنا سبب اختيار هذا المقال: لا بد لكل شخص فينا أن يعلم جيدًا أنه يستحق الأفضل.

الاستحقاق الذاتي: هو الإيمان الراسخ بقدرة الفرد على تحقيق النجاح والتمتع بالحقوق، وأنه يستحق السعادة والنجاح والحب، وأنه قادر على تحقيق أهدافه ومنها: القبول والرضى بدراستك وعملك ومظهرك الخارجي وعلاقاتك الاجتماعية المختلفة وحتى بمشكلاتك وصفاتك السلبية ضروري وهام جدًا كي تشعر بالاستقرار والسلام الداخلي في حياتك وتسعى جاهدًا لتعديل كل سلوك سلبي.

والسؤال الأهم الآن: كيف أرفع استحقاقي لذاتي؟!

رفع الاستحقاق الذاتي يساعدك على الشعور بأنك شخص مميز يستحق أن يعامل باحترام، وتعزز تقديرك لنفسك بكلمات إيجابية فيها تقدير واضح لذاتك ترددها لنفسك (أنا أستحق الأفضل) مثلًا:

- ابدأ بمسامحة نفسك على أي خطأ بسيط لا يستحق منك جلد ذاتك وأسعى لعدم تكرار الأخطاء مستقبلًا.

- الاعتراف أنك تمتلك مشاعر عدم الاستحقاق السلبية ولا بد أن تتخلص منها فورًا لأن عدم تقديرك أنت لنفسك يعد مشكلة.

- الاستحقاق الذاتي يساعدك على رفع ثقتك بنفسك، مع مسامحة النفس على الخطأ والتجاوز عن كل ما هو سلبي دون إلقاء اللوم على الذات، فقد يكون السبب في عدم الاستحقاق الذاتي هو الإخفاقات المتكررة.

- ركز على مواهبك من أجل استعادة التوازن وتحقيق الأفضل.

- لا تقارن نفسك مع الآخرين: ابتعد عن التقليل من شأنك من خلال مقارنتها مع الغير وخصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي، فلا تصدق كل ما تراه لدى الآخرين.

- لا تسعى إلى المثالية: تأكد تمامًا أنه لا يوجد شيء كامل في هذه الحياة، لذلك لا تَدع المثالية الزائدة تضعف من ثقتك بنفسك وتقلل من قيمتك.

- التركيز على الأمور الإيجابية يرفع من هرمون السعادة لدى الشخص وذلك يساعد في تقدير الذات.

- العناية بالجسم: شرب الماء وتناول الخضراوات.

- اختيار الملابس: كن أنيقًا حتى داخل المنزل من أجل رفع ثقتك بذاتك.

- النظر إلى الحياة بشكل إيجابي: يجب على الفرد أن يحب ذاته ويثق بنفسه وينظر إلى الأمور نظرة إيجابية، مع ذكر العبارات الإيجابية إلى النفس والابتعاد عن الحديث السلبي مع الذات.

إن أكثر ما يجعلنا نقع في مأزق هو (سقف توقعاتنا العالي جدًا مع الأخرين): جرب أن تعطي الناس أحجامها المناسبة، والعلاقات كذلك، بلا إفراط في الود ولا تفريط. وحتى بالجهة المقابلة لا تنتظر من أحدهم أن يعتبرك شيئًا أساسيًا إن لم يفعل هو ذلك، لا تزاحم أولويات الناس لأنها أحد أهم الأشياء التي لا تُطلب.

ختامًا أحبتي الكرام: كلما نضج الإنسان وارتقى في مدارج الوعي؛ أصبح زاهدًا بالقيل والقال، تاركا للخلاف والجدال، باحثًا عن راحة البال، مُحلّقًا في آفاقه، لا وقت لديه لتصحيح سوء الظنون ولا يعنيه أصحابها، قريبًا من عوالم الصدق والسكينة والصفاء، ماضيًا في سبيله بهدوء وسلام.

دمتم باستحقاق عالي لأنفسكم وسقف توقعات معتدل، ارفع سقف توقعاتك فقط مع الله سبحانه وتعالى.

همسة استحقاق جميلة:

لا يُفتَحِ البـابُ إلا حِينَ نَطرِقُـهُ ** وبَـابُ ربِّـكَ دونَ الطـرقِ ينفتِحُ

هـون عليـك فــإن الله فارجـها ** فوحده الرب يدري عن مخارجها

وافرح لها وإن اشتدت فشدتها ** عـلامـة منـه إيـذانـًـا بفـرجـتــها