(الشخصية المضطربة) ماهيتها وكيفية التعامل معها


الثلاثاء 2023-11-07

"حاولت التعايش معه، حاولت فهمه، لكنه معقد، الحياة معه لا تطاق"

"صعبة جدًا، مجنونة، لم أعد أحتمل العيش معها"

كلام يقوله المقربون من أصحاب الصفات المضطربة

ا أحد يفهمني! أدفع عمري كله لأجد من يفهمني"

وهذا غالبًا ما يقوله المضطربون أنفسهم.

فمن هم المضطربون نفسيًا؟

لا شك أن الاضطراب يأتي من الطفولة، وغالبًا من أحد الأبوين، أو كلاهما، وقد يأتي أيضًا من أصدقاء الطفولة، أو من مواقف يتعرض لها الطفل في المدرسة سواء بقصد أو بغير قصد.

وتعتمد قوة الاضطراب وخطورته على مدى حساسية الطفل وامتصاصه للصدمات، وعدم مقدرته على تقبل المواقف الصعبة وتجاوزها...

ولتحديد صفات المضطربين نفسيًا هناك ثلاث مراحل:

مرحلة الطفولة أو مرحلة نشأة الاضطراب، مرحلة بناء الشخصية، مرحلة الاستسلام.

1- مرحلة نشأة الاضطراب:

وتكون في مرحلة الطفولة حيث لا يمتلك هؤلاء الأطفال هويتهم الخاصة بهم بعد، وفي طور تنشئة تلك الشخصية يتعرضون، إما لمواقف انتقاد أو صد، أو صدمة ممن حولهم من أهل، أو أصدقاء، أو مدرسين، أو قد يتعرضون لإهمال، أو اهتمام مبالغ به منذ الطفولة، وهو ما يدفعهم لامتلاك صفات الاهتزاز والزعزعة أو الغطرسة في الكبر

1- مرحلة إنشاء الشخصية:

وهي المرحلة التي تأتي بعد مرحلة الطفولة وتستطيل حتى الشباب، وفي هذه المرحلة أيضًا لا يدركون بأنهم ضحية تعامل سيء من الأهل أو مواقف صادمة من المجتمع، وعليه فهم يتخبطون ويتقلبون ويتذمرون في هذه المرحلة، ويترددون، وغالبًا هم أنفسهم من يغيرون الكثير من التخصصات، المهن، الأصدقاء؛ فهم يتخبطون محاولين جاهدين البحث عن هويتهم التي ضاعت دون إدراكهم.

2- مرحلة الاستسلام:

وهي المرحلة التي يدرك فيها المضطربون بأن الأوان قد فات لإيجاد هويتهم، وعندها يبدؤون بالتغذي على الآخرين، على صفاتهم الجميلة، على استقرارهم، على نجاحاتهم، على اهتماماتهم، وحتى على أحلامهم... فتراهم يلقون اللوم على الآخرين، ويشككونهم بأنفسهم، ويبحثون عن زلاتهم، وأيضًا في هذه المرحلة يحاول أصحاب الشخصيات المضطربة البحث عن جذوة أمل في كل شيء، فتراهم يركضون خلف العرافين، وخلف المشعوذين حتى ينقذوهم من سوء تخططيهم، وحتى يجدوا لهم بادرة أمل في حياة جميلة يرسمونها لأنفسهم، فهم فقدوا الثقة بأنفسهم التي خذلتهم مرارًا فلجؤوا إلى الشعوذة والمنافذ السهلة...

أما فيما يتعلق بصفات وتصنيفات المضطرب؛ فمن السهل تحديد شخصية المضطرب لأنه يكون شخص متقلب المزاج، خائف من المستقبل، حزين ومتعلق بالماضي بشكل واضح وصريح أو مخفي، شخص متردد، هو شخص متغطرس في بعض الأحيان، أو ضعيف ومهزوز الثقة في أحيان أخرى، شخص يمتلك عدة صفات متشعبة أو مختلفة، باختصار شخص يصعب فهمه، ليس سهلًا، ولا واضحًا، وقد يعلم المضطرب باضطرابه أو قد يجهله تمامًا.

تحديد طريقة التعامل مع المضطرب حسب نوعه:

مضطرب ويعلم بأنه مضطرب: وهو غالبًا شخص لديه وعي ومعرفة بمشاكله الداخلية وباضطرابه الداخلي، وهذا الشخص غالبًا يمكن التعايش معه إذ أنه يعلم تمامًا بما يمر به، ويستطيع أن يعيد النظر في تصرفاته الخاطئة وقد يعتذر عنها أحيانًا؛ فبقليل من الصبر عليهم والتعاطف معهم تسير الأمور على أحسن ما يرام.

مضطرب ولا يعلم باضطرابه أو ينكره: وهذا النوع هو من أصعب الأنواع في التعامل مع البشر، ويندرج تحته النرجسيون؛ فلا يمكن التعايش معهم مطلقًا، إلا في حالة واحدة فقط، وهي التجاهل التام لهم ولأذاهم، ولانتقاداتهم المرضية التي لا تنتهي.

وختامًا أسأل الله السلامة لنا في كل شيء والعافية من كل شر وأذى وابتلاء، وأرجو أن يعي الآباء والأمهات من القراء أهمية وخطورة مرحلة الطفولة لدى أبنائهم وأن يحموهم من شر الصدمات وأثر الكلام والأفعال على صحتهم النفسية والعقلية.