|
|||||||
خسرت كل صديقاتي، لا أجد صديقة تفهمني كلما تقربت من واحدة تركتني رغم حبي الكبير لهن وتعلقي الشديد بهن. قالتها: (أحلام) وهي تبكي بحرقة على كل عواطفها التي ذهبت هباءً منثورًا مع صديقاتها. ثم استطردت الحديث (آلاء) قائلةً: أنتِ أفضل حالًا مني! أما عني فقد وهبت زوجي كل حياتي حبي ووقتي وجهدي وتركت صديقاتي ومجتمعي وأحلامي وطموحاتي جانبًا من أجله، وبعد كل هذه السنوات صدمني بكلماته القاسية (يكفي. أكاد أختنق منك ومن اهتمامك المبالغ فيه)! وفور سماع (إلهام) حديثهن تنهدت بحرقة قائلة: كل ذلك يهون أمام مواقفي المشرفة في عملي فأنا أول من يحضر للعمل وآخر من يخرج من العمل! لم أذكر أن تغيبت إلا لمرض شديد او ظرف قاسي جدًا خارج عن إرادتي! شعاري في الحياة (عملي أولًا) ضحيت كثيرًا بمناسبات اجتماعية جميلة بسبب ضغوط العمل والحاجة الماسة لوجودي، حتى خارج أوقات الدوام الرسمي، وكنت أسهر كثيرًا حتى أنجز أعمالي وأعمال غيري من الموظفات اللاتي لديهن ظروف او يتغيبن عن العمل! ومع ذلك عندما تأخرت في كتابة التقرير الخاص بالعمل نتيجة الأعمال الكثيرة المناطة بي وتم اتخاذ اجراء رسمي حيال ذلك (لفت نظر) وتعامل سيء جدًا من رئيستي في العمل وكأنها أغمضت عينها عن كل مجهوداتي وروائعي وانجازاتي الكثيرة جدًا. بينما تراقبهن عن كثب (أم أحمد) التي لم تكن أفضل حالًا منهن! بكت بحرقة وهي تكرر: مصيبتي أكبر من مصيبتك أنت وتلك؟ التفت الجميع حولها في ذهول واندهاش! بصوت واحد الجميع: خير يا أم أحمد ما الذي حدث معك؟ قالت تزوجت في سن صغيرة ولم أستطع اكمال دراستي بحكم الزواج والأولاد وأفنيت حياتي كلها وكرستها من أجل أبنائي الذين توفي والدهم وأنا لم أتجاوز الخامسة والثلاثين ورفضت الزواج خشية أن يأتيهم مكروه أو هكذا ظننت فقد كان أحمد وأخواته الخمس أمانة في عنقي سهرت الليالي الطوال من أجلهم حتى زيارتي لوالدتي كانت قصيرة من أجل ألا أنشغل عنهم بشيء أعطيهم ما يتمنونه قبل أن يطلبوا! وهبتهم حياتي وأموالي ووقتي كله؟ والآن الكل مشغول عني بحياته الجديدة، أنا لست من الأمهات التي تريد ابنها مجاور لها لكن أريد من يطمئن علي يهتم بي يرد الجميل. أحمد وأسماء وإبراهيم وإعتماد تزوجوا جميعًا وانشغلوا عني تمامًا، هي زيارة نهاية الأسبوع فقط وثلاث أرباع الزيارة على الهاتف النقال أو يتحدثون مع بعضهم البعض؟ أما إلهام فهي تعمل ممرضة في المستشفى وقتها كله مزدحم ومشغول وتعود منهكة لا تريد مقابلة أحد وتخلد للنوم. بينما أصغر العنقود أنس هو الوحيد الذي يرأف بحالي وقريب من قلبي لكني أخشى مستقبلًا أن يتغير مثل اخوته!! كانت تلك القضايا المتشابهة نوعًا ما نتيجة اختلال في أمر واضح وجلي ألا وهو (التوازن). - وحقيقة التوازن إذا علمناها لأصبح ضبط البوصلة أمر يسير. - التوازن في المعاجم العربية يشير إلى التعادل، وأيضًا هو عكس الاضطراب والارتباك ويشار أيضًا إلى الاتزان بأنه السكون والثبات. - فلابد للشخص أن يكون متزنًا في جميع أمور حياته وخاصة في العاطفة والمحبة والصداقة والعطاء. - إذا كانت الأمور الشرعية من الله جل شأنه ضبطها وجعل لها وقتًا وحيزًا من اليوم، فلم يجعل سبحانه وتعالى الصلاة والصيام وسائر العبادات طوال اليوم، بل لم يأمر بالصيام سوى شهر واحد في السنة والحج مرة واحدة في العمر. - علينا أن نعود أدراجنا للوراء قليلًا ونراجع حساباتنا بإنصاف مع كل من حولنا. - الحب شعور جميل وإحساس دافئ ولذيذ إن صرف في وجهته الصحيحة وفق شرع الله، لكن حتى في هذه الحالة لا بد أن يكون باتزان بدون إسراف ولا تعلق، لأن الإسراف في الحب مثله تمامًا كالإسراف في الكره ونتيجتهم واحدة. - الاتزان هو إعطاء كل ذي حق حقه من غير زيادة او نقصان. يعجبني كثيرًا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحب سواء العاطفي أو حب الناس بعضهم لبعض. عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قال لي رسول الله: إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قالَتْ: فَقُلتُ: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟ فقالَ: أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ، قالَتْ: قُلتُ: أجَلْ، واللَّهِ -يا رَسولَ اللَّهِ- ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ). الاتزان العاطفي حتى في حالة الغضب مطلوب وهذا الحديث كفيل أن يغير مجرى حياتنا، بل أنه مشروح ولا يحتاج إلى اسهاب وتفصيل (اضبط نفسك في حالة الرخاء والشدة، في حالة السلم والحرب، في حالة الرضا والحزن) والسؤال الآن: كيف أحقق الاتزان العاطفي؟ - التريث في بداية كل علاقة صداقة جديدة وعدم إعطاء المشاعر لمن تقابله لأول وهله كن وسطًا. - التفكير الإيجابي واستبدال الأفكار السلبية التلقائية بأفكار إيجابية. - اختيار الوقت والمكان المناسب مع الشخص المناسب والمواجهة اللطيفة لعلاج أي مواقف عاطفية غير متزنة. - (الحب الشديد (التعلق) - الهجر- الضيق - الانطواء - الكره الشديد) وغيرها من المشاعر العاطفية التي وجودها وعدم الاتزان فيها قد يدمر حياتك وشخصيتك ويقضي على متعتك في الحياة، نتيجة عدم تدارك الموقف وضبط تلك المشاعر بالشكل الصحيح. - على صعيد الحياة الخاصة العاطفة بين الزوجين مطلوبة لكن شريطة ألا تؤدي تلك العاطفة إلى الاختناق الزوجي كما يحدث في حياة بعض الأزواج الملاحقة الزوجية سواء بالاتصال أو الرسائل أو الأسئلة المزعجة المتكررة تلك ليست عاطفة إنما إحدى أمرين: إما تعلق شديد أو حب التملك، وكلاهما مرفوض تمامًا، فينبغي علينا الاتزان الانفعالي والعاطفي وتدريب النفس على ضبط البوصلة الشخصية ومعرفة مقدار كل شخص في حياتنا. - عندما توفر لعواطفك مسارًا آمنًا للتعبير، سوف تتخلص من احتمالية انفجار هذه المشاعر لاحقًا. - الإجهاد والتوتر المستمر يمكن أن يرسل عواطفنا إلى أبعاد، وبالتالي فإن التغلب على التوتر وتعلم طرق إدارته بشكل أفضل، يمكن أن يساعد في تنظيم عواطفنا. همسة حب: "من الظلم أن تقيس حظك بعدد الأشياء الجميلة التي لم تحصل عليها دون النظر إلى الأشياء السيئة التي لم تصبك، كن منصفًا حتى مع نفسك كي تشعر بالرضا والقناعة. (اشكر الله على كل شيء في حياتك). |