اضرب بعصاك البحر


الجمعة 2022-11-25

قال الله تعالى {اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء 63] في وحيه سبحانه لسيدنا موسى عليه السلام؛ قال: اضرب لينجيه وبني إسرائيل من فرعون وجنوده عندما لحقوا بهم، وهنا منظور آخر يعلمنا إياه ربنا سبحانه من هذه الواقعة، بأن نعمل بأنفسنا مع اليقين والتوكل به، فالله تعالى لا يعجزه نجاتهم وفلق البحر بأمره في لمح البصر، لكن الله سبحانه وهو الذي أمره بين الكاف والنون؛ امر نبيه بـ اضرب.

وجميعنا يصاب بأقدار الدنيا، فيجب علينا الصبر على بلائها ونكبات الأيام، وهذا ما لا يخلو منه بر ولا فاجر، ولا مؤمن ولا كافر، ولا سيد ولا مسود، لأنه راجع إلى طبيعة الحياة، وطبيعة الإنسان، وما رأينا أحدًا يسلم من آلام النفس، وأسقام البدن، وفقدان الأحبة، وخسران المال، وإيذاء الناس، ومتاعب العيش، ومفاجآت الدهر.

فلا ينبغي علينا الجلوس وانتظار فرج الله سبحانه، فلو كان كذلك لكان لسيدنا موسى عليه السلام أولى، فعلينا ضرب البحر بتسخير قوتنا وارادتنا وعزيمتنا وما نملك من مهارات عملية وفنية وعقلية، والفطن فينا هو الذي يوقن بفرج الله سبحانه ويتوكل عليه، ثم يثابر ويجاهد ويحاول ويعمل.

لن ننال مبتغانا بالتمني والأحلام والجلوس، ولن نكتشف مهاراتنا مالم نفعلها ونعمل ونجتهد، وليس عيبا أن نخطئ مرة وثانية وثالثة، حتى نتعلم ثم ننجح، ولن نجتاز المصاعب مالم نخطو الخطوة الأولى، ولن يحقق لنا الله تعالى مرادنا بدون عمل، فالله تعالى قادر على أن يحقق كل أمالنا، لكنه سبحانه يريدنا أن نعمل ونغير ونستعمر الأرض بأنفسنا وباستخدام امكانياتنا التي وهبنا إياها سبحانه من فكر وقوة وارادة.

وأنت بكامل قوتك وعافيتك وسلامة عقلك وجسدك البدنية، لا تنتظر أحداً أن يأخذ بيدك ليعبر بك الشارع، مالم تحاول أنت من نفسك، ولن يرزقك الله وأنت عاكف مكانك، ولا تلوم الناس والزمن والاقدار على حالك، وأنت لم تحاول التغيير، فما عليك سوى العمل، وكل ما هو مطلوب منك أن تضرب بعصاك، وسيفلق الله لك الدنيا بما فيها، لتعبر وتجتاز المصاعب لتصل لبر الأمان والاستقرار.