|
|||||||
دار حوار بعد الصيف في المجلس عن السفر وأجمل المدن السياحة ولماذا سافرت، ومنهم من قال بسبب الجو ومنهم من قال بسبب الطبيعة ومنهم من سافر بسبب الترفيه ثم تحول الحوار عن جمال المدن ومميزاتها وهنا كان سؤال مهم بين الحاضرين: لماذا مدينة دبي تغرد خارج سرب المدن العربية وربما أيضا العالمية وأصبحت من أجمل مدن العالم، وما ان تذكر مدن جميلة او مدن ترفهية او مدن تسويقية او عن أي تخصص للمدن الا وذكر اسم مدينة دبي، ولماذا لا نستطيع ان يكون لدينا مدن مثل دبي في التنظيم والبنية التحتية؟. وبحكم تخصصي في تخطيط المدن فكان السؤال والهجوم بأكمله علي، وهنا كان لابد ان اجاوب من وجهة نظري انا، فربما هناك من يؤيدني في كلامي وهناك من يخالفني فيه ولكن هذه وجهة نظر من الناحية التخطيطية. ان مدينة دبي تبنت أسلوب إدارة التنمية المكانية واعتمدت على شركة تقوم بإدارة وتنمية المدينة كمدينة مستقلة ليس لها تأثر بنظام الدولة حيث ان النظام تضعه المدينة لنفسها وتعمل به دون التأثر من حولها ومن هنا نجد انها وضعت لنفسها طريق مختلف نوعا ما حيث وضعت جودة الحياة هدف لا يمكن التنازل عنه وحددت القاعدة الاقتصادية التي تقوم عليها المدينة واخدم هذا الهدف وتم عمل خطط مستقبلية لتقوية هذه القاعدة منها السياحية والثقافية والصناعية والتجارية. ومن هنا تبنت المدينة أسلوب إدارة تنمية مكانية تعتمد على شركة تقوم بإدارة وتنمية المدينة وقد وضعت نقاط لتحقيق ذلك: - أولا: اخذت حكومة دبي المدينة الى التنمية المكانية كهدف في تنفيذ واعتماد المرافق والخدمات والاهتمام بالكم والكيف كعنصر واحد يحقق التوازن بينهما وتعتمد على جودة الحياة. ثانيا: تحديد القواعد الاقتصادية التي تقوم عليها المدينة وتحديد مستهدفاتها وتحديد مواقعها وتخطيط المدينة للمستهدفات الاقتصادية للمدينة ثالثا: جلب بيوت خبرة عالمية في التخطيط المستقبلي للمدن ووضعوا مخطط عام للمدينة لمدة خمسين سنة قادمة ويتم مراجعته كل خمسة سنوات لمعرفة هل هم في الطريق الصحيح ام هناك عوائق ومستجدات يمكن ان تأثر على المخطط ووضع خطط لحل هذه العوائق دون تغير في هذا المخطط. رابعا: انشاء شركات تقوم بتنفيذ المخطط على الطبيعة وعمل أفكار تصميمية تفصيليه للمواقع المراد تطويرها حسب المراحل الموضوعة في المخطط بحيث تكون هذه التصاميم شامله جميع التفاصيل الجمالية والبيئية وجوده الحياة فيها. خامسا: عمل مخططات تفصيلية لجميع المراحل التنموية. سادسا: تقوم هذه الشركات بعمل البنية التحتية متكاملة من المرافق والخدمات وتجهيز الأراضي للبناء ومن ثم متابعة لملاك الأراضي لتنفيذ المباني كما هو مخطط له. سابعا: والاهم من هذا كله قبل القيام باي مشروع هناك دراسة كامله من قبل الشركة لوضع تصاميم دقيقة لجميع التفاصيل ووضع خطط الصيانة والتشغيل التي تضمن الاستمرارية بنفس الجودة دون التنازل عنها. ثامنا: عمل إدارة مراقبة على الجودة من قبل حكومة دبي تقوم بمتابعة وتقيم عمل الشركات ومحاسبتها في حالة الإخفاق وعدم التهاون بذلك. تاسعا: محاسبة كل من حاول الخروج عن الخطط الموضوعة او تغير التصاميم المتفق عليها او تقليل في الجودة. عاشراٌ: عمل مؤتمرات عالمية عن المدن والاستفادة منها بالأفكار الجديدة والمميزة. ومن هنا نجد ان مدينة دبي وضعت لنفسها أسلوب مختلف عن طرق تطوير المدن العربية لذا أصبحت تغرد خارج سرب المدن العربية والعالمية وأصبح لها شان كبير يضرب به المثل في تطور المدن وجودة الحياة. ولو نظرنا كمثل اخر في المملكة العربية السعودية هناك امثلة بنفس الجودة والفكر والتطوير وهو الحي "الدبلوماسي" في الرياض لماذا جودة الحياة فيه عالية لان من البداية كان واضح تخطيط الحي والهدف منه وضع تصميم لأدق التفاصيل وقيام شركه واحدة بتنفيذه ووضع خطط لصيانه وتشغيل الحي مما جعله بنفس الجودة وهناك أيضا أمثلة أخرى "الجبيل وينبع الصناعية" وحي "ارامكوا" في الشرقية والأمثلة كثيرة، فمثلا في مصر نجد "مدينتي" وايضا "مراسي" و "اب داون" مع اختلاف الأهداف التي نشأت عليها هذه المدن الا انها كلها تشترك في وجود تنمية مكانية ووجود جهة واحدة مسؤولة عن ادارتها وتنميتها. في الختام نجد ان المدن العربية تصرف المليارات على مدنها ولكن بجودة اقل من دبي رغم ان مدينة دبي ربما تصرف اقل بكثير من باقي المدن العربية وبمردود عالي وأصبحت المدينة لها جودة حياة مرتفعة ومحققه الأهداف المرجوة منها. لذا الأمر يحتاج الى وقفة وإعادة النظر في مدننا. |