من دهاليز المدينة (10)


الجمعة 2022-07-15

حجينا وجينا ... زرنا المدينة

أهازيج متجذرة في ذاكرة أهل المدينة، يترنم بها حجاجُ بيتِ الله في الطرقات بعد انقضاء حجهم وقدومهم إليها.

حجـــــــينا وجينا            زرنا المدينــــــة

وفـرحنا ونلـــنا          أغلى أمانــــينـا

بأجواء يسودها الفرح يستقبل أهل المدينة ضيوف الرحمن، ملوحين بأيادي العطاء لمواكب الحجيج فتشرق ملامحهم بالبهجة والبشرى.

ولا غرابة في ذلك فالتاريخ يشهد لأهل المدينة بحسن الاستقبال، فطلائع البشائرِ توالت منذ مقدم النبي ﷺ، فأشرقت المدينة بحلوله فيها، وسرى الفرح إلى القلوبِ ساكنيها وسكن بها، قال البراء: "ما رأيتُ أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم"، فخرج الغلمان والخدم في الطرقات يرددون: الله أكبر جاء رسول الله، الله أكبر جاء محمد.

والناظر اليوم في استقبال أهل المدينة للحجيج يجده استقبالًا استثنائيًا ممزوجًا بالحفاوة، مزدانًا بإكليل الورد المديني، معطرًا بنعناع المدينة، مطعماً بالنثيرة من الحمص والملبس والخروب والحلوى الملونة تردد ألسنتهم:

طلع البــــــــــدر عليــــــنا           من ثنيات الوداع

وجب الشكر عليــــنا           ما دعــــــــــا لله داع

إن استقبال أهل المدينة ليس استقبالًا ترحيبيًا نظريًا، بل استقبالًا عمليًا تتزاحم فيه كل الجهات لخدمة ضيوف الرحمن.

لا يكتفون بالعطاء، بل يتميزون بالإحسان في العطاء، فيسطرون في قلوب ضيوف الرحمن قصصًا عظمى تترجمها دموع الفرح، ويرسمون في أذهانهم صورًا مشرقة تترجمها بسماتهم حين رحيلهم.

شعارهم دوماً: "أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم".