مرتبكة تلك الخطوة


الأربعاء 2022-03-09

الفرص في الحياة لا تحظى دائمًا بالنجاح، فهناك فرص لا تحتاج لعناء كبير لتحقيقها وأخرى مهما حاولنا جاهدين لتحقيقها ولكنها تبوء بالفشل، فكم من المحاولات للوصول فشلت فشلاً ذريعًا، وكم من الطموحات تعثرت وارتطمت في قاع اليأس، وكم من الأحلام تلعثمت واختنقت ولفظت أنفاسها الأخيرة، وكم من الرؤى ذهبت أدراج الرياح وأصحابها تقوقعوا على أنفسهم وانطفئوا بعد الضياء.

الفشل أمرٌ وارد في معظم المشاريع أو الأحلام، فالإنسان يرسم ويخطط لنفسه دروبًا مختلفة ويتأمل أن تكون الظروف مواتية وفق المنهج المخطط له، ولكن أحيانًا ترتطم آماله وطموحاته في أرض الواقع الصلب، فتنكسر الأحلام، وتتهشم الآمال، وتُفقد نشوة الطموح، ويتغلب اليأس على أية محاولة أخرى ولو لمجرد التفكير بالبدء من جديد.

إن الحياة مليئة بالفرص مهما كان الفشل يترصد كل فرصة، ولكن الخوف من الفشل مرة أخرى يهدد أية محاولة وإن كانت مدروسة، فتبدأ الخطوات بالارتباك والتراجع، وتهتز الثقة بالذات، ويتراجع الطموح، ويترجل الفارس من جواده وينهزم.

وذلك الذي ينتظر الفرصة السانحة لإكمال تعليمة ويعلم يقينًا أن الأيام تجري سريعًا ولا تكترث لخطواته المرتبكة لمواصلة مسيرته العلمية، فهو ينتظر وينتظر أن تصنع الظروف له الطريق الممهد كي يسير عليها دون تعب أو عناء وينسى أن الجهد والتعب أحد أهم أسباب النجاح فلا شيء يأتي دون عناء.

وهناك من يسهر يتأمل أن يغير من وظيفته أو عمله ولكنه يخشى التعثر والفشل، ويرتبك في كل خطوة يخطوها نحو التغيير، ويرتعب من المجازفة أو خطوات المغامرة، وتبقى في داخله الأماني وتكبر، وينمو الحلم ويمد جذوره في داخله ولكن خطواته المرتبكة تأبى الشجاعة، ويبقى أسير ذلك الارتباك.

ومن يؤجل من تكوين أسرة أو يتناسى سنة الله على الأرض، ويزرع في داخله الخوف من المستقبل وينظر إلى تجارب الآخرين الفاشلة في تكوين حياة أسرية ناجحة، فيولد في داخله شبح الفشل وينمو ويترعرع حتى لا يستطيع السيطرة عليه وتتراجع خطواته المرتبكة ويخشى لمجرد التفكير في البدء بجدية.

وكل ما لاح في الأفق فجر الأمل، ظهر من مكان آخر وحش الخوف الذي أربك تفكيره وأنهك قواه وأقلق مضجعه، وتملّكه الحيرة وارتسم على محياه تساؤلات الرهبة.

كم سيدوم ذلك الارتباك ويقيد جميع المحاولات للتجديد والنجاح؟

إن منظر قمة الجبل جميل ورائع ويستحق عناء المحاولة، ولكنه يحتاج إلى العزيمة والإرادة القوية، وتحمل المصاعب والعثرات والكثير من الصبر، فليس من الضروري أن تصل تلك القمة سريعًا ولكن "أن تصل متأخرًا خيرٌ من ألا تصل أبدًا".

جميعنا يحلم أن يتصدر قمم المجد ولكن أحيانًا يبدو ذلك الأمر صعبًا ولكن ليس مستحيلاً، ويحتاج منّا إلى الصبر والعمل الدؤوب والعزيمة والإرادة القوية، وإلى التفاني في ذلك من أجل الوصول إلى تلك القمة، والاستمرارية في الثبات في نفس المكان يحتاج كذلك إلى جهدٍ أكبر.

"إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ           فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ".