لهفة البداية


الأحد 2022-03-06

طاقةٌ تكمن داخلنا نوظفها لتحقيق هدفٍ ما، نبدأها بلهفةٍ قوية تصحبها رغبة شديدة سرعان ما تتلاشى ونعود لنقطة الصفر كما بدأنا، يتكرر الأمر كثيراً وفي مواقف مختلفة مع أُناسٍ كثيرون، نرى ملامح ذلك في بداية علاقة إنسانية أو اجتماعية حديثة، ويتجلى بوضوح في أول لقاء، أو أول رحلة للتعرف على مكانٍ جديد، وفي أول نجاح أيضاً.

(لهفة بداية) يصاحبها شعورٌ بإعجابٍ واستحسان مرتبط بمشاعر وأفكار إيجابية تجعلنا نرى الطريق أمامنا بضبابية تُخفي خلفها طريقاً طويل نحتاج أن نتزود فيه بالثبات لنبلغ نهايته فالبدايات دائماً تكون جميلة وبمرور الوقت تصبح فاترة بسبب الاعتياد عليها أو مواقف الخذلان فيها.       

لماذا يحدث ذلك؟

ظاهرة تراجع تلك اللهفة وحماسها واختفاء وميضها المصاحب لنقطة البداية والتي غالباً ما يشعر صاحبها بالملل والصعوبة وعدم القدرة على أداء أو اكمال ما يصبو إليه يتبعها بالتدريج تراجع إلى اللاشئ ما تفسير ذلك يا تُرى لدى البعض منا؟

حين ننظر على سبيل المثال لذلك المبدع وهو ينطلق بأقصى عزمه في أول العمل وبشغفٍ ليتوقف بعد برهة عن إكماله، هل يا ترى فقد الفكرة؟ أم وهج الحماس؟ أم لأنه استنزف كل طاقته من البداية وقبل إتمام العمل بدون تدرجٍ أو توزيع في ذلك فشعر تلقائياً بالجهد والتعب الذي أفقده الحماس، أو لأن بعض الأهداف لدى آخرون كانت طويلة المدى فصعُب عليهم سرعة تحقيقها وجني ثمار جهدهم في بداية مراحلها مما ولَّد عند بعضهم طاقة سلبية جعلته يشعر بالفشل وبالتالي التوقف عن أي محاولة أخرى.

هناك أسبابٌ متنوعة وكثيرة تطرأ على الذهن وقد تكون غابت عني، ولكننا يجب أن نعي تماماً أن تحقيق هدف ما والوصول إليه يعني فعل شيء مختلف والاستعداد للتغيير، مشكلتنا من وجهة نظري أننا لا نفهم دائماً ذلك بالمعنى الصحيح فلا نتعامل معه بخطة واقعية ومستمرة للوصول إلى نتيجة.

لابد أولاً من تقبلنا لصعوبة ذلك التغيير وتحويله إلى عادةً أو جزء أساسي من يومنا نفعله دون الشعور بالتعب أو الضغط على أنفسنا محاولين البحث عما يجدد حماسنا أثناء ذلك، وقد نحتاج أحياناً أن تكون لدينا المرونة الكافية لتغيير الخطط وتحويل الأهداف أو إعادة صياغتها بشكلٍ آخر كأحد الحلول، ما نود فعله يتطلب منا التحلي بالصبر مع المواظبة والاستمرارية وما أجمل استخدام أسلوب المنافسة حينها.

 

ولنتذكر دائماً أن جمال البدايات وروعتها يكمن بسبب شعورنا بالتغيير الذي سرعان ما ينتهي، ما يبقى معنا لإكمال الطريق هو قوة إرادتنا في الاستمرار وأن البداية الحقيقية تكون عند انتهاء الحماس.