|
|||||||
عندما ننظر الى أي مدينة نجد ان الازدحام المروري اصبح من اهم سمات المدينة، وقد يتصور البعض ان مشاكل الحركة المرورية المتعلقة بوقت الرحلة والاثار الاقتصادية من التأخير وأيضا الاثار البيئية من ازدحام المركبات ..الخ يتحمل مسؤوليتها المرور فقط، ولكن في حقيقة الامر هناك مشاركون في تحمل هذه المسؤولية، نذكر منهم التخطيط والتصميم العمراني الخاص بالمدينة، ووسائل الانتقال، ونمط امتلاك المركبات بأنواعها وطرق استخدامها المستخدمة، حالة الطرق والشوارع، توزيع الخدمات والاستعمالات علي الطرق وحولها احجام ومواقع، المواقف، المواصلات العامة، وإدارة المرور وسلوكيات المواطنين، كما يؤخذ في الاعتبار الرؤية المستقبلية لعدد السكان وتوزيعهم، والمجال هنا يتسع للكثير من العوامل. ومما لا يخفى على احد فإن الازدحام المروري له كبير الأثر على معيشة الانسان وجودة الحياة في المدينة، وكما سبق واشرنا ان بعض الناس يعتقد ان الازدحام فقط سببه السيارات وهذا من الأخطاء الشائعة، حيث هناك مدن لديها مشاكل بسبب الدراجات الهوائية مثل هولندا وأيضا الدراجات النارية مثل مدينة برشلونة ومعظم مدن شرق اسيا، وبما انني أعيش في هذه الأرض المباركة المملكة العربية السعودية، فسوف أتكلم عن بعض مشاكل الحركة المرورية هنا، فمثلا لو نظرنا الى مدينة الرياض فقط، سنجد الازدحام بازدياد مستمر وذلك لزيادة عدد السكان وأيضا ازدياد وتركز الانشطة الاقتصادية، مما يساعد على جذب الهجرة اليها مما يزيد من امتلاك السيارات في الرياض، اما لو نظرنا للمدينة المنورة ومكة المكرمة، فسنجد انها تزداد ازدحاما في الأعياد والمناسبات الدينية وخاصة حول الحرمين، هذا مما يستجوب علينا دراسة الحركة المرورية في كل مدينة على حدة، وقد نجد ان معظم اسباب هذه المشاكل تنحصر فيما يلي: أولا: لابد من معرفه وسائل الانتقال لتحديد الاسلوب الامثل للتعامل معها نجد ان الوسيلة الوحيدة هي السيارات، ويوجد في بعض المدن الرئيسة حفلات النقل العام، والان في مدينة الرياض شبكة المترو، وبما ان الوسيلة الرئيسية هي السيارات مما جعل امتلاك السيارات عالي جدا مما يساعد على ارتفاع الازدحام في الشوارع والطرقات. ثانيا: لا بد من معرفة الطرق والشوارع لم يؤخذ في عين الاعتبار التدرج الهرمي لها والانسيابية الصحيحة والتصاميم الخاصة بالطرق والمداخل والمخارج، فنجد ان الشوارع المحلية لها ارتباط مباشر مع الطرق السريعة وأيضا نجد ان بعض الطرق والشوارع تصميم المداخل والمخارج فيها لا يخدم الانسيابية للحركة. ثالثا: لا بد من معرفة مواقع الخدمات والمواقف الخاصة بها يوجد ضرورة ملحة لدراسة انواع وتوزيع الخدمات الكبيرة مثل المستشفيات الخاصة ومواقع الخدمات الحكومية التي يتم استئجار المباني لها، ومدى تأثيرها على الحركة المرورية ونسبة انشغال المواقف عندها، وتأثير تلك المواقف على الحركة المرورية، ومراجعة كل ذلك في ضوء المعايير والمعدلات التخطيطية. رابعا: توزيع الأنشطة التجارية في المدينة لو نظرنا الى معظم المدن لدينا لوجدنا انه من أكبر المشاكل فيها يكمن في توزيع الأنشطة التجارية الكبرى والصغرى، فنجد ان الأنشطة التجارية موزعة على ارجاء المدينة بأكملها سواء على شكل أسواق مركزية او محلات، كما نجد ان المحلات التجارية داخل الاحياء السكنية في الشوارع الشريانية من مطاعم ومحلات خدمات مع عدم وجود المواقف الكافية، يسبب ازدحاما داخل الحي السكني وازعاجا كبيرا للسكان، اما الأسواق المركزية فالمشكلة تتبلور فيها، في دراسة المداخل والمخارج للمركز وموقعها من المدينة وتأثيرها على الشوارع والاحياء السكنية المجاورة. خامسا: إدارة المرور وسلوكيات المواطنين يتضح من الوضع الراهن ان إدارة المرور تتدخل في انسيابية الحركة بالرغم ان دورها ضبط المرور وتنفيذ الخطة المرورية التي تضعها هيئة مختصة في المدينة، فنجد انه في معظم المداخل الى الطرق الدائرية في وقت الذروة، يوجد سيارة مرور تمنع الحركة للدخول مما يتسبب في ازدحام الطرق المحلية، وفي بعض الأوقات نجد ان بعض السيارات تلجأ الى الدخول داخل الاحياء السكنية للعبور مما يسهم في ازعاج السكان، وربما بعض دول العالم تستخدم هذه الطريقة في تخفيف الضغط على الطرق السريعة، ولكن الطرق السريعة لديهم يمنع فيها الأنشطة و المداخل و المخارج للأحياء السكنة او الأنشطة التجارية مما يساعد على عدم ازعاج السكان، وأيضا تساعد في الانسيابية، وقد نجد أيضا ان رجل المرور في بعض الأوقات يتحكم في وقت الإشارات المرورية وهذه من المفترض أن تدرس مدى تأثيرها على الازدحام عند الإشارة في بعض الطرق التي تكون فيها انسيابية الحركة أفضل، فربما تغير الأوقات في الإشارة يساعد على الازدحام في جميع الاتجاهات بل من اتجاه واحد. ومن أكبر الإشكاليات: سلوكيات المواطنين في القيادة، سواء عند الإشارات او عند المداخل والمخارج من الطرق السريعة بحيث يأتي من اقصى الطريق ويريد الدخول، وايضا في التقاطعات المزدحمة يكون الطريق متوقف ويأتي ويقف في منتصف التقاطع، مما يتسبب في ايقاف الطريق انسيابي الحركة، ومما لا شك فيه سلوكيات فإن سائقي سيارات الاجرة بوقوفهم المتكرر في اي مكان يتسبب في كثير من الحوادث والازدحام. سادسا: التخطيط والتصميم العمراني وهنا المشكلة الأزلية لدينا مواقف السيارات عند الخدمات وبعض الأنشطة التجارية التي لم تدرس بالطريقة الصحيحة من قبل مخطط المدينة من حيث الموقع ونسبة المواقف المطلوبة والمداخل والمخارج الخدمات والأنشطة التجارية والتنقل بين مستويات الطرق، غير ان أنواع الطرق لدينا غير واضح ومفهوم وذلك للسماح للأنشطة التجارية فيها، فنجد ان الطرق السريعة في معظم دول العالم لا يسمح فيها أي نشاط بل يجب ان يكون النشاط على الطرق الرئيسة فقط، ولا يسمح بالانشطة على الطرق الشريانية داخل الاحياء وتخصيص مناطق معينة يسمح فيها بالأنشطة التجارية كحي تجاري بالكامل، ومما لا شك فيه فإن عدم دراسة توزيع الخدمات والأنشطة على مستوى المدينة بحيث لا تكون لها تأثير كبير على الحركة المرورية، كما يوجد لدينا بعض الإشكالات في تصميم المداخل والمخارج للطرق السريعة والدخول والخروج للأنشطة التجارية وأيضا فرش الطريق الذي يساعد في بعض الأحيان الى الازدحام، وفي بعض الأماكن المزدحمة بالأنشطة لا يتم دراسة حركة المشاة ونقط تقاطعها مع الحركة الالية وعدم الاهتمام باللوح المرورية والارشادية ووضعها في الاماكن الصحيحة الواضحة التي تساعد على انسيابية الحركة. ولا يبقى لدينا الان الا ان نطرح سبل التعامل مع الازدحام المروري ولنا في التجارب العالمية المخرج فنجد ان معظم دول العالم عملت على تكوين لجنه خاصة او هيئة خاصة للمرور ويكون لها دراسات توفر حلول للمشاكل المرورية وسبل تحقيق انسيابية الحركة، ومن ضمن ما تدرس هذه اللجنة كي تتغلب على هذه المشكلة: 1- تحديد الرؤية المرورية للمدينة 2- تحديد نقاط التجمعات 3- تحديد التقاطعات المرورية 4- عمل الدراسات الإحصائية لحركة المركبات 5- دراسة النقل العام وتأثيره على الحركة المرورية 6- تحديد اتجاهات المرور في وقت الذروة 7- تحديد مشاكل الازدحام المروري 8- دراسة زمن الرحلات 9- تحديد نقاط التقاطع (الحوادث) الدائمة 10- التدخل في مواقع الخدمات التي تسبب الازدحام 11- وضع الخطط المستقبلية للحركة المرورية ورفعها لمخطط المدينة لوضعها في الاعتبار عند التخطيط المدينة او اعداد دراسات المدينة 12- وضع الخطط التوعوية للسكان وخاصة البرامج التوعوية للطلاب في المدارس 13- تحويل المشاكل الى اهداف أساسية لحل المشكلة المرورية وهنا نجد انه من حق هذه اللجنة تغير اتجاهات الطرق والرفع الى مسؤول تخطيط المدينة لإعادة النظر في المداخل والمخارج للطرق السريعة واعادة تصميم بعض فرش الطرق وتغيير المداخل والمخارج للأنشطة التجارية، وتحديد أوقات الإشارات المرورية وتحديد الخطط المرورية التي يتم تطبيقها من إدارة المرور في المدينة. |