أبغى أسوق


السبت 2021-12-11

استندت حنان على طرف الأريكة وسرحت بخيالها وتذكرت يوم فكرت أن تقود السيارة فقالت: خطرت في بالي تلك الفكرة المجنونة وهي أن اتدرب على القيادة واستحسنت الفكرة بعدما درست كل جوانبها ووجدت موافقة من زوجي حبيبي وأسرتي الكريمة نساءً ورجالاً.

وبدأتُ فعلًا أتدرب على القيادة وأنا مستمتعة جداً بل سعيدة، شعور جميل وجديد لم يسبق لي أن أجربه من قبل، وأنا أتجول أرجاء المدينة وكلي ثقة أن أقول وداعاً لانتظار زوجي أن يستيقظ من نومه كي يوصلني مقر عملي، أو أن أنتظر أحد الأبناء أن يعود مسرعاً لأن والده قد تأخر في المجيء إليّ وغيرها من الأفكار التي تروح وتجيء.

وبالفعل ماهي إلا أيام قليلة وأنا أقتني تلك السيارة الفارهة الجديدة وشعور ممتع يصاحبني كلمها مارست القيادة في طرقات المدينة، ومع مرور الأيام وجدتني وبلا مقدمات وبدون أن أنتيه لنفسي "أقوم بعمل كل شي" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وبدون مبالغة وجدتني أصطحب أولادي إلى مدارسهم لأني أصبحت "أسوق" وأشتري أغراض البيت باستمرار لأني أصبحت "أسوق"، وأذهب بأبنائي إلى المستشفى لأني أصبحت "أسوق"، وأقضي مشاوير التسوق لأني أصبحت "أسوق" بل حتى إذا نفذت أغراض البيت فجأة أجدني بلا شعور أبحث عن مفتاح سيارتي مسرعة لأني أصبحت "أسوق" وكل مشاوير المناسبات القريبة والبعيدة أصبحت مسئولة عنها لأني أصبحت "أسوق"

ما جعلني أبكي حقيقة حينما احتجت أن أفحص سيارتي "العجلات" وقفت في طابور السيارات وأنا أرى نظرات الرجال ترمقني باستغراب كوني في وقت الظهيرة أنتظر دوري وتجاهل العامل الكامل لي ممًا جعلني أتأخر على المنزل كل هذا لأني أصبحت أسوق كل ذلك أفقدني فعلا المتعة الحقيقية التي كنت أعيشها حينما كان زوجي مسئول عني وأولادي كذلك الآن كامل المسئولية على عاتقي لأن زوجي من النوع الاتكالي وورث أبناؤه تلك الصفة البائسة، كنت أردد دائما أبغى أسوق واليوم من كل قلبي أقول وبصوت عالي: "ما أبغى أسوق".

واستيقظت من نومي فجأة وأنا أجد زوجي الحبيب يضحك بشدة وهو يرى يداي وهي تمسك بعجلة القيادة وأنا مستلقية على الأريكة

ملاحظة هامة:

تلك القصة لا تتعارض مع ضرورة القيادة النسائية خاصة لمن هي بحاجة ماسة لهذا الأمر.

همسة:

قد يعتقد البعض أن السعادة في تحقيق كل ما يتمناه وربما يكون في صرف الله عنه تحقيق تلك الأمنيات خير عظيم يعلمه الله وأنتم لا تعلمون امتثالاً للآية الكريمة: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

تمعنوا الآية جيداً وركزوا على آخرها.

ختاماً أحبتي الكرام يامن تقرأون مقالتي هذه أقول لكل الذين ملأ اليأس قلوبهم:

اجعل التفاؤل أساس طريقك في الحياة، وإن تشوهت أيامك ونفذت طاقتك تفاءل بأن هُناك طريقاً آخر ينتظرُك مليء بما يُبهج روحك ويجدد شغف الحياة بك.

"ساهم في نشرها لكل من تحب".