كبار السن يرتبكون أمام التحديثات التقنية


الجمعة 2021-10-01

بمناسة اليوم العالمي للمسنين

موقفان حدثا أمامي في الفترة الماضية، الموقف الأول لشخص كبير في السن ربما تجاوز عمره الـ 60 عاما أو الـ 70 يقف أمام بوابة السوبرماركت يحاول جاهدا الدخول على تطبيق (توكلنا) دون جدوى، والعامل يرفض ادخاله حتى يرى شاشة السماح بالدخول، ظل الرجل يحاول هكذا حتى تبرع أحد الرجال واخذ الجوال والهوية واستعاد كلمة المرور للرجل المسن، أما الموقف الثاني فلامرأة مسنة أخرى، تقف مع موظفة البنك أمام البوابة، والموظفة تطلب منها ان يكون معها رقم لحسابها في منصة (ابشر) و صورة من العنوان الوطني، والسيدة لا تستطيع استيعاب ماتقولوه الموظفة، ولا تعرف ماهو هذا الشئ الذي تتحدث عنه، ولا من أين يحضرونه، وحين يأست طلبت من الموظفة أن تكتب لها كل ذلك في ورقة لتعطيه لأحد أبنائها الذين يعيشون في مدن اخرى بعيدة عن مدينتها، وذلك إن حضر أحدهم لينهي لها كل تلك المهام الإلكترونية، بل مااعتصر قلبي أكثر، هو أنها لا تعرف كيف تطلب سيارة أجرة (كريم) لتعود إلى منزلها، وتطلب من المارة أن يطلب لها أحدهم السيارة.

لقد أحدثت التقنية نقلة نوعية على جميع الأصعدة، وسهلت العديد من الأمور ولا أحد يستطيع إنكار ذلك، فبضغطة زر يستطيع الشخص إنهاء الكثير من الأمور العالقة وفي ثواني معدودة، لكن ماذا عن كبار السن الذين لم يستطيعوا اللحاق بركب هذه التقنية، ولم يعيدوا يستطيعون التعامل معها دون مساعدة، وحتى من كان منهم يقوم ببعض المهام فإنهم مع أول تحديث للتقنية يرتبكون ويقفون طالبين المساعدة، أتذكر الآن جيدا ما قالته د.سمية الناصر في مطلع عام 2021 حيث قالت في بث مباشر لها مع متابعيها أنه علينا بشتى الطرق أن ندخل كبار السن في مجال التقنية، حتى لو كان ذلك بفتح حساب انستجرام او سناب لهم، المهم أن يكونوا ضمن الدائرة، وأستطيع الآن أن أفهم ذلك جيدا، وجميعنا لاحظ كيف الامور تطورت فقط خلال العامين السابقين، تأمل النقلة النوعية فقط لتطبيق توكلنا، وانظر كيف يمكن لهذا التطبيق أن ينقذ حياة مسنا عن طريق ايقونة نداء الاستغاثة.

يصادف اليوم (1 اكتوبر) اليوم العالمي للمسنين، لذلك آثرت أن أتحدث عن جانب التقنية في حياتهم وخاصة أنني بدأت ألحظ خروج الكثيرين منهم من بوتقة التقنية، فحسب الاحصائيات العالمية فإنه كان هناك 703 ملايين شخص تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر في عام 2019، وكانت منطقة شرق وجنوب شرق آسيا موطنًا لأكبر عدد من كبار السن حيث بلغت (261 مليونا) ، تليها أوروبا وأمريكا الشمالية (أكثر من 200 مليونا)، وعلى مدى العقود الثلاثة المقبلة، من المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في عام 2050، وستشهد جميع المناطق زيادة في حجم السكان الأكبر سنًا بين عامي 2019 و 2050، حيث ستكون أكبر زيادة بعدد (312 مليون) في شرق وجنوب شرق آسيا ، وذلك بتصاعد الرقم من 261 مليونًا في عام 2019 إلى 573 مليونًا في عام 2050، ومن المتوقع حدوث أسرع زيادة في عدد كبار السن في شمال إفريقيا وغرب آسيا ، حيث يرتفع من 29 مليونًا في 2019 إلى 96 مليونًا في عام 2050 (بزيادة قدرها 226 في المائة)، والمعلومة الأكثر اذهالا أن في عام 2020 ، فاق عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.

لذلك في 14 كانون الأول / ديسمبر 1990 ، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة 1 تشرين الأول / أكتوبر اليوم الدولي لكبار السن ( القرار 45/106 ) حيث نصت أهدافها مؤخرا على ضرورة التوعية بأهمية الإدماج الرقمي لكبار السن، مع معالجة الصور النمطية والتحيز والتمييز المرتبط بالرقمنة، مع مراعاة المعايير الاجتماعية والثقافية وتوضيح الحق في الاستقلال الذاتي وذلك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) بشكل كامل، ولمعالجة تلك الفجوة الرقمية التي قد تقوم بين البلدان والمجتمعات والأشخاص الذين يتزايد عددهم بمرور السنوات ويصبحون أقل ارتباطًا بالتقنية.

الموضوع مهم -إن صدقت الأرقام- فتقدمنا كأجيال ناشئة عليه ألا يشغلنا على الالتفات إلى هذا الجانب المهم، حيث أن ذلك لن يكون له تأثير على الصعيد الاجتماعي فقط، بل إنه قد يؤثر سلبيا على نفسية كبار السن وتشعرهم بالعوز والعزلة، بارك الله لنا في كبارنا وجعلهم الله بركة لمستقبلنا.