|
|||||||
لم تتمالك عهد دموعها وهي ترى صديقتها التي عاشت معها أجمل مراحل طفولتها منذ سنوات دراستها الأولى وحتى المرحلة الجامعية -الآن- تتخلى عنها بكل ببساطة لأنها لم تعد تعجبها أفكارها القديمة، ولأنها لم تعد على هواها كما كانت سابقا، فقالت لها مرام وبكل جرأة: عهد أنا وأنت لا ننفع لأن نكون صديقات. انهارت عهد وبكت بكاءا مريرا على سنوات عمرها التي ضاعت هباءا منثورا مع صديقة لاتفقه من معاني الصداقة الجميلة سوى اسمها فقط!! وأنا أهمس لعهد بحب: (أفيقي حبيبتي فـ (مرام ليست آخر حبة) انهضي من جديد وسترين العديد من الصديقات اللاتي يتقن فن الصداقة، ومخلصات ووفيات لها؛ لأن الصداقة تكمن بمشاركة الصديق الهموم، ومساندته في أيسر الأمور وأشدّها، فلا خير في صديقٍ يتخلى عن صديقه وقت الضيق، فإن فعل ذلك فهو لم يكن صديقاً حقيقياً منذ بداية العلاقة. وعلى الصعيد الآخر تأتي وفاء الجميلة التي تمتاز رقة وأنوثة بعد أن رزقها الله بزوج أناني لايفقه من الحياة الزوجية الا اسمها، فهو يريد كل شي وفي المقابل لايقدم أي شي، حتى تم الطلاق وهي تبكي بحرقة والعجيب أنه ليست ثمة صفات ايجابية كي تبكي عليها وتندب حظها العاثر، وهي لاتعلم أن الله قد يكون أنجاها منه، كي يرزقها بمن هو أفضل منه، عفوا وفاء الرقيقة لاتبكي عليه صدقا فهو ليس (آخر حبة). فيما خرج محمد من عمله وهو يقلب أوراقه ويحاول أن يبحث عن شيء مفيد يبدأ به يومه خاصة أن هذا العمل لايروق له إنما كان مصدر رزقه الوحيد، ومع ذلك فهو يتحمل من أجل والدته المريضة، ثم يأتي مديره الذي لم ينجح محمد رغم هدوئه وقوة تحمله أن يصنع علاقة جيدة بينه وبين مديره ليخبره بنبرة حادة شادة: محمد تم نقلك إلى الفرع الآخر للشركة واليوم هو آخر يوم لك هنا!! تأثر محمد كثيرا بل أنه بكى وقليلا مايبكي الرجال (مع أن أبسط حق من حقوقه أن يعبر عن انفعالاته) وهمسة لك أنت يامحمد: ابتسم واسعد، فلقد أتاك الفرج (مديرك ليس آخر حبة) فربما رزقك الله بمكان أفضل ومدير أجمل يعرف قيمتك فوراء (كل محنة منحة). وماذا عن ريم التي استيقظت من نومها لتتفاجأ أن خادمتها قد هربت تاركة البيت والأولاد بعد أن أخذت كل ممتلكاتها الخاصة وهربت، بكت ريم كثيرا لأنها لم تعد تتحمل أعمال البيت وحدها، خاصة مع وجود عدد كبير من الأطفال، بالاضافة إلى عملها الجديد، لكن دعيني ابشرك ياريم الجميلة: لعله خير (خادمتك ليست آخر حبة) واشكري الله أنها حين هربت لم تسرق ولم تخنق ولم تحرق ولم تقتل، فما صرفها الله إلا لخير يعلمه هو وتجهلينه أنت (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة (216). همسة لكل من يقرأ الآن:"من يهددك بالرحيل أهمس في أذنه: هل تعرف الطريق أم أخبرك به، تأكدوا وثقوا تماما أنهم ليسوا آخر حبة، لذا لاتقلقوا ولاتحزنوا ولاتهنوا ولاتضعفوا، كونوا أقوياء كما ينبغي، نحن نحتاج في حياتنا لعلاقات تكون طيبة، فيها قرب وحب ورحمة وتسامح والشخص يكون حاضر حتى لو كان بعيدا عنك يشعر بك، يفهمك، يعرف ماتحب وماتكره، يسمعك، يظل مهتما بك، يحترمك، ويقبلك، كما أنت بدون شروط يقبل عيوبك، لديه استعداد يساعدك ويقف بجوارك، كي تتغير بدون تهديد بالبعد (وكأنه آخر حبة فعلا). دمتم بخير أحبتي أتمنى أن تكون الرسالة وصلت ليعيها كل قلب، اعتقد أن من لايستحقون كانوا آخر حبة في الحياة، الحياة مليئة بالأجمل والأفضل فقط كونوا واثقين بالله تعالى. |