بقلم / صديق صالح فارسي
( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )،
محور تأمّلنا ..( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )،
إن في ذلك .. أي فيما سبق ذكره من الآيات على لسان الخليل عليه الصلاة والسلام من أمور الأرزاق ، فجعل الله لها وسائل لحصولها ، وللمحافظة عليها.
ثم أنهُ سبحانه يرحم بها من يشاء بأن يجعله يسخرها للخير والإصلاح في الأرض ، ويعذُب بها من يشاء ممن يسخرونها في الشر والإفساد في الأرض ، ولكن تلك الآيات لايُبصرها ولايتبصّرُ بها إلا المؤمنون ، أما الكافرون والمنافقون فإن قلوبهم عمياء عن إبصار تلك الآيات فيمرّون عليها وكأنهم لم يرونها ، بل أنهم يصنفونها من باب الصدفة ، أوالظواهر الطبيعية ، أو بسبب خطأ هذا أو مكرُ ذاك ، ( وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُون)، فهذا مسرفٌ مبذرٌ لنعمة المال في المحرمات والشهوات وبين عشية وضحاها يفقد كلّ أمواله ، فيعلم المؤمنون أنها آية من آيات الله ، أما الكافر والمنافق فيقول بسبب سوء الحظ ، أوظروف السوق والمنافسة ، وقوي عتل جبّار يتسلّط على الضعفاء ، فيسلبه الله قوتهُ وسطوتهُ وجاههُ أوصحتهُ ، فهذه آية من آيات الله لايعرفها إلا المؤمنون، وكم وكم ممن أُريد بهم الشرور والمكائد والمصائب ، فينجيهم الله ، ويتبدّل عسرهم يُسراً ، وضيقهم فرجاً ، وهمومهم سعادة وأفراح ، تلك من آيات الله التي لايعقلها إلا المؤمنون ، فالنار لاتحرق ولاتؤذي ، بل جعلها الله برداً وسلاماً على إبراهيم ، حيث أرادوا به كيداً فجعلهم الأسفلين ، والسّكين لاتقطع ، والبحار لاتُغرق ، والأسود لاتفترس ، إلاّ بأمر الله ، وتلك من آيات الله ، فهل من مدّكر ، ولكنها آيات فقط لقوم يؤمنون ، أما من أغفل الله قلبهُ عن ذكره فأولئك في ضلال مبين .
فلنعتبر بما نرى ونسمع حولنا من آيات الله ، بالعذاب للمعاندين ، والرحمة بالموقنين ، جعلنا الله وإياكم ممن يُبصرون آياته فيعتبرون بغيرهم ، ويسعون لمرضاة ربّهم فيما آتاهُم ..!!
|