تأمُّل الآية 19 من سورة العنكبوت


الأربعاء 2018-12-26

بقلم / صديق صالح فارسي

( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )

محور تأمّلنا.. ( إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )

عرفنا في اللقاءات السابقة من خلال تأمُّل الآيات أن الأرزاق بكل أصنافها من مال وبنين وصحة ومسكن وغيرها من متاع الدنيا كلّها بيد الله وليست بيد غيره سبحانه، وعرفنا كذلك أن ماعند الله لايُنال إلا برضاه، ورضى الله لن يحصل إلا بإفراده بالعبادة وطاعته والإستقامة على أمره سبحانه، وكذلك عرفنا أن شكر الله تعالى هو السبيل للمحافظة على تلك النعم والأرزاق بل وزيادتها والبركة فيها..

والآن في هذا اللقاء نتعرّف على حقيقة أخرى من حقائق إستجلاب الأرزاق من عند الله، وهي أن يستقر في قلوبنا ويتأكد وفي نفوسنا كون الرزق مهما عظم وصعب الحصول عليه واستعصى علينا فإنه (عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ).

فقد يقول قائل، بأنه رغم أنني مستقيمٌ على منهج الله، وشاكراً لأنعمه، ورغم ذلك فإنني أدعو الله ولكن لا أجدُ إستجابةً لدعائي، ولا سعةً في رزقي، فنقول له لعله لم يستقر في نفسك، أن ذلك الأمر الذي تطلبه من الله بأنه على الله يسير، وهذه الآية تبين لنا أن الأرزاق ومهما صعبت وتعسّرت، فإنها أهون على الله من بداية الخلق، وإنشائه النشأة الأولى من العدم ولم يكن شيئاً مذكوراً، وهي هينة ولم تصعب عليه سبحانه..

( قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا )

فهذه هي إذاً مفاتيح الرزق، الإستقامة، وشكر الله، والعلم بأن ذلك على الله يسير، وبقيت حقيقة أخرى وهي أن الله على كل شيء قدير، فسيأتي ذكرها في الآية التي بعدها، ولكن كيف يترسّخ مفهوم ( إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) في قلوبنا وهو ماجاء في هذه الآية فسنتأمّله في لقاءنا القادم بإذن الله.