تأمُّل الآية 119 من سورة هود


الأربعاء 2018-12-12

بقلم / صديق صالح فارسي

( إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )

 محور تأمّلنا هنا ( إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ)

 فمن هم الذين رحم ربّك؟

هم الذين عقلوا وعرفوا كيف يستفيدون من هذا الإختلاف فيما بين البشر والمخلوقات ويصلون من خلاله إلى الإتفاق على الحق والإهداء إلى الصراط المستقيم صراط الله وفطرة الله التي فطر الناس عليها إذ أن الإختلاف في المخلوقات نعمة وآية من آيات الله تدل على عظمة الخالق وبديع صنعه ومحكم آياته وتدبيره لهذا الكون وهذه المخلوقات بهذه الدقة وهذا الإنتظام،

أما من جعلوا من هذا الإختلاف خلاف لما وافق الحق وأتبعوا ماتهوى الأنفس وأصروا وأستكبروا إستكباراً وطغوا وبغوا وغيروا وبدّلوا وأحدثوا في الأرض وفي أنفسهم مالم ينزل به سلطانٌ من الله، وما ليس لهم به علم إلا إتباع الظن وما تهوى الأنفس ومن قد جعل إلههُ هواه فضلّ وأضلّ الناس بغير علم ولا هدى ولا كتاب مبين فأولئك هم أصحاب جهنّم وبئس المصير،

وبذلك أي بهذين الفريقين من إهتدى للحق ومن ضَلّ عن الحق تكون قد تمت كلمة ربّك بسابق علمه في الأزل بأن عبادهُ من الجن والإنس سيكون منهم سعداء بإتباعهم للحق والهدى وسيكون منهم أشقياء بمخالفتهم لأهل الحق وعداوتهم للمؤمنين فوعد سبحانه السعداء منهم بأن يملأ بهم الجنة وتوعّد الأشقياء بأن يملأ بهم النار وتمت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً صدقاً بما وعد وعدلاً بمن توعّد.