|
|||||||
مجلس حكيم الزمان
بقلم / صديق صالح فارسي
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) محور تأمّلنا هو(عطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) مادامت السماوات والأرض، فحيث أن لكلّ شيء سماءٌ وأرض، حتى الجنة لها سماءٌ وأرض، فهذا فيه تأكيدٌ لأمر الخلود في الجنة، للذين سُعدوا بالإيمان وإتباع الرُّسُل، وعملوا الصالحات تقرباً إلى ربّهم وتودداً إليه سبحانه، وإلا ما شاء ربّك فيه تأكيدٌ لمشيئة الله تعالى وفضله، لأن الأعمال مهما بلغت فلن تُوفي بثمن الجنة، ولكن رحمة الله ومشيئتهُ وفضله هي الوسيلة للدخول والخلود في الجنة بإذن الله. جاء في الحديث :- (يُنَادِي مُنَادٍ - يعني في أهل الجنة - إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلا تَهْرَمُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلا تَبْأَسُوا أَبَدًا) ولكي لا يتوهم القارئ أو المستمع بأن مشيئة الله تقتضي الحرمان والنقص من عطاء الله للمؤمنين، فقد جاء ذلك التأكيد بقوله تعالى، ووعده سبحانه، وتمام فضله وكرمه وجوده وإحسانه لعباده المؤمنين بأن عطاء ربهم لهم غير مجذوذ، أي غير منقوصٌ منه شيئاً، فهو كامل وافي، بكمال جلال الله وعظمته وسلطانه. عطاءً غير مجذوذ، فليس هناك عطاءً في الدنيا من مخلوق إلا وهو مجذوذ ناقص غير كامل، وليس هناك وعدٌ إلا وفيه نقص بعدم الوفاء أو التمام، ولكنّ عطاء الله، ووعدهُ غير منقوص، وهذا من تمام المنّة والكرم من ربّ العالمين. |