|
|||||||
مجلس حكيم الزمان
بقلم / صديق صالح فارسي
(وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) محور تأمّلنا في الآية هو (وإِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ) فإذا رأيت نفسك في خير فقل لها يا نفسُ إني أخاف عليكِ ، وإذا رأيت أبوك أو أخوك أو صديقك أو قومك في خير فقل لهم إني أخاف عليكم, إن لم تشكروا، عذاب يوم محيط, أي من كل جانب فالخيرُ الذي قد وهبنا الله إياهُ سواءً في النفس أو الأهل والأموال، والعيش الهنيّ الرغيد، كل ذلك الخير، يستوجب علينا الحمد لله والشكر له. والحمد والشكر يقتضيان عبادة الله وحده، لأنه أساس قبول الأعمال، والبعد عن معصيته، والتزام ما أمر به، وما نهى عنه وزجر, فنبي الله شعيب عليه السلام قد علم أن الخير الذي كان عليه قومهُ، إنما يستوجب عليهم شكره، والانتهاء عن مخالفة أمر الله بالظلم في إنقاص المكيال والميزان. فأخذ ينصحهم ويدعوهم إلى عبادة الله، والتزام أمره بالعدل في المكيال والميزان، وحذّرهم بأن ما هم فيه من الخير والنعيم ليس له أية قيمة إذ أن المعصية ستجلبُ عليهم العذاب المحيط، وبالفعل فقد أصابهم عذابٌ محيطٌ لم يجدوا منه مخرجاً, لذلك فإن النعم التي ينعم الله بها علينا يجب أن تكون وسيلة لنا للسعادة في الدنيا، وسبباً لسعادتنا في الآخرة. أما إن كانت على غير طاعة الله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام، فهي مدعاةٌ للخوف لنا، ولمن يهمنا أمرهم من عذاب يوم محيط لا قدر الله، كما أن من أسباب دوام النعمة وحفظها، هو شكرها، وكفران النعم قد يكون سبباً لزوالها. |