تأمُّل في الآية 66 من سورة هود


الخميس 2018-10-25

مجلس حكيم الزمان
بقلم / صديق صالح فارسي

(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)

فلما جاء أمرُنا جاء أمرُ الله جاء أمرُ ربك عندها لا ينفعُ نفساً إيمانها، لم تكن آمنت من قبل, عندها لا ينفع مالٌ ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم, عندها تذهلُ كلّ مرضعةً عما أرضعت، فتلقي بوليدها فلذة كبدها، وهي أمه التي ينفطر قلبها له ومن أجله، ترمي به لتنجو بنفسها من هول العذاب.

عندها يفر المرءُ من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، وفصيلته وعشيرته وأهله وجماعته الذين كان يتحزب بهم، ويضحي من أجلهم بنفسه وماله، وربما بأخلاقه ودينه وعقيدته, أمرُ الله نسمع عنه ونراه ليل نهار من أممٌ تُتَخطّفُ من حولنا، أعاصير وفيضانات، وزلازل وهزّات، براكين وتسوناميات، ونيران وهدم وغرق، ومرض وفقر وديون ومحن، ومصائب لا حصر لها، كلها من جُند الله (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ).

أمرُ الله إذا جاء لا يؤخّر، ولا ناصر منه، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه, أمر الله يسلّطهُ على أهل الظلم والعناد والطغيان، كلّ بقدر ذنبه وبحسب جُرمه، لعلهم يهتدون وإلى ربهم يرجعون، وليطهّر به من يشاء، ويُكفّر به عمن يشاء، وليمحّص به إيمان قوم، ويدمّر به آخرون ليكونوا عبرةً لغيرهم، لعلهم بهم يعتبرون، وعن ظلمهم وعنادهم وكفرهم بآيات ربّهم ينتهون.